تعريف التدقيق المحاسبي
يشير مصطلح تدقيق الحسابات إلى فحص وتقييم كشوف حسابات مؤسّسة ما، وتختلف أنواع تدقيق الحسابات حسب مدى تغطيتها للتفاصيل المحاسبيّة والأطراف القائمين بها. يشمل التدقيق التأكّد من كون كشوف الحسابات كاملة وصحيحة، ومن التزام الشركة بالمعايير الماليّة والقوانين المحليّة، ومن فعاليّة أنظمة الرقابة الداخلية واكتشاف الأخطاء الداخليّة للشركة (Tests of Control).
نشأة تدقيق الحسابات
ظهر تدقيق الحسابات في أواخر القرن الـ 16، وانطلقت أول منظمة مهنية في التدقيق المحاسبي في مدينة فينيسيا، ومع تطور الثورة الصناعية والنمو السريع للشركات وتزايد العمليات التجارية خلال هذه الفترة وصولاً إلى القرن الـ 19 برزت الحاجة لمزيد من الشفافية والموثوقية في البيانات المالية، ومن هنا بدأت ظهور مهنة التدقيق كمهنة متخصصة.
إضافة إلى ذلك تم تأسيس الهيئات المهنية للمحاسبين والمدققين، وبناء على ذلك أصبحت الحكومات تتجه نحو تنظيم وإصدار القوانين والتشريعات التي تتطلب مراجعة الحسابات للشركات العامة، مما ساهم في تطوير وتوحيد معايير التدقيق.
ومع تزايد التطورات الاقتصادية والتجارية في القرن الـ 20 والـ 21 أدى ذلك إلى تطور معايير التدقيق المحاسبية الدولية وتم تعزيزها لضمان دقة ومصداقية البيانات المالية، وأصبح تدقيق الحسابات أكثر إعتمادًا على الأنظمة الرقمية وبرامج التدقيق المتطورة، وكذلك تم تشديد اللوائح والرقابة المالية الخاصة بهذا الإجراء المحاسبي، مما زاد من أهمية التدقيق الخارجي والداخلي، إلى أن أصبح تدقيق الحسابات اليوم جزءاً لا يتجزأ من النظام المالي والاقتصادي العالمي.
أهميّة تدقيق الحسابات
عادة ما يهدف تدقيق الحسابات إلى التأكّد من المستندات المحاسبية للشركة تعكس بشفافية واقع التعاملات الماليّة والموقف المالي للشركة أي التمثيل الصادق حسب المعايير الدولية. في بعض الأحيان أيضاً يكون إجراء تدقيق سنوي للحسابات إلزامياً بموجب القانون، أو شرطاً ضرورياً لإتمام بعض التعاملات المالية بين الشركة وأطرافٍ أخرى. بجانب كونه إجراءً واجب التنفيذ في حالات معيّنة، يفيد تدقيق الحسابات نشاط الشركة على أصعدة مختلفة منها:
1- نتائج أعمال المنشأة من ربح أو خسارة
يفيد تدقيق الحسابات في تحديد أرباح وخسائر الشركة بوضوح وشفافية، كما تفيد المقارنة مع التقارير السابقة في تحديد مدى تأثير تغيير سياسة ماليّة معيّنة على الأرباح والخسائر.
2- التخطيط المالي والإداري
يساعد التدقيق المالي في اتّخاذ القرارات الماليّة والإداريّة بناءً على أسس واقعيّة، مما يحسّن من تنافسيّة الشركة ونجاحها على المدى الطويل. فيساهم التدقيق في دعم التخطيط الاستراتيجي من خلال الكشف عن الفرص والتحديات التي يمكن أن تظهر بالمستقبل.
3- الإلتزام بالتشريعات المحلية
يقوم المحاسب القانوني (مدقق الحسابات) بتقييم مدى التزام الشركة وموظفيها بقواعد المحاسبة والقوانين المحلية. قد يعمل هذا الإجراء كرادع لمنع أي أفعال اختلاس أو سوء توجيه للموارد الماليّة للشركة.
4- فحص وتقييم أنظمة الرقابة الداخلية
يساعد التقييم المستمر والموضوعي لأنظمة الرقابة الداخلية واكتشاف الخطأ في الشركة على تطويرها وجعلها أكثر فعاليّة، من خلال توضيح نقاط الضعف التي قد تغيب ملاحظتها عن العاملين في الشركة.
5- كسب ثقة المتعاملين مع الشركة الحاليين أو المحتملين
يساهم إدراج التقارير الخاضعة لتدقيق الحسابات في تسهيل العديد من التعاملات الماليّة للشركة، مثل حالات التقدّم للحصول على تمويل أو لتحصيل مستحقّات التأمين. يساهم تدقيق الحسابات في زيادة الثقة في صحة التقارير المُقدّمة ودقة مبلغ التأمين المطلوب، وقد تُحدِّد بعض الجهات المانحة للتمويل تدقيق الحسابات متطلّباً إجبارياً في عملية تقييم استحقاق الشركة للحصول على التمويل من عدمه.
6- الضرائب والرسوم
تحدّد بعض الهيئات الحكوميّة تقديم تقارير خاضعة للتدقيق شرطا أساسياً في المستندات المُقدَّمة، بغرض تسهيل الحساب الدقيق للضرائب المُستحقَّة.
7- الحد من المخاطر وإدارتها
التدقيق المحاسبي هو أداة هامة لتقييم المخاطر، فينشأ عنه طرق متنوعة لإدارته واتخاذ الإجراءات الاحترازية التي تقلل من تأثير الخطر حال وقوعه.
أنواع عمليات تدقيق الحسابات
توجد عدة أشكال يمكن من خلالها تصنيف تدقيق الحسابات. يمكن تصنيفها بناءً على العمليات وجهة التنفيذ والهدف منها بالشكل التالي:
تنقسم عمليات تدقيق الحسابات من حيث جهة التنفيذ إلى أربعة أنواع رئيسية:
-
التدقيق الداخلي
يقوم بالتدقيق الداخلي إمّا مُحاسب قانوني مُعين من قبل الشركة وأحدَ موظفيها، أو محاسب قانوني استشاري غير معين بشكلٍ دائم. غالبا ما تتم الاستعانة بمحاسب قانوني في حالات عدم قدرة الشركة على القيام بتدقيق حسابات داخلي كامل اعتماداً على موظفيها فحسب.
-
التدقيق الخارجي
يقوم بالتدقيق الخارجي محاسب قانوني مُنتخب ومحايد مما يساعد في التخلّص من أي انحيازات خلال عملية التدقيق وإبداء رأيه بشكل محايد ومستقل على البيانات المالية، وعادة ما يتم ذلك من قِبَل مكتب مُحاسبة قانونية معتمدة.
-
التدقيق الضريبي
هي مجموعة من الإجراءات ينفذها محاسب قانوني أو ضريبي ليتأكد من سلامة المعلومات المسجلة في دائرة الضرائب ويقارنها بسجلات الشركة المحاسبية. بهذا يمكن التأكد من مدى توافق البيانات والإجراءات مع قوانين الضرائب. في النهاية يصدر المدقق تقرير يشمل البيانات الآتية: إجمالي الإيرادات والنفقات والاستهلاك والالتزام الضريبي.
-
التدقيق الحكومي
التدقيق الحكومي تنفذه جهات رقابية داخل الدولة تتبع السلطة التنفيذية أو السلطة القضائية مثل ديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد في الأردن. والغرض هذا النوع من التدقيق، هو التأكد من أن أموال الهيئات الحكومية تنفق من خلال سياسات رشيدة تحمي الموارد وتبتعد عن أنشطة إهدار المال العام.
الفرق بين التدقيق الداخلي والتدقيق الخارجي
رغم كون المحاسب القانوني (مدقق الحسابات) غير معيّن من قِبَل الشركة، إلّا أنّه يلتزم باستخدام سياسات الشركة المُحاسبيّة خلال عمليّة التدقيق الداخلي. اما خلال التدقيق الخارجي قد يعتمد المدّقق على سياسات الشركة أو أنظمة الرقابة واكتشاف الخطأ الخاصّة بها إذا ثبتت كفاءتها، إلّا أنّه يختبرها أولًا على أي حال للتأكدّ من عدم وجود عيوب أو خلل هيكلي فيها.
من ناحيّة أخرى يتميّز التدقيق الخارجي بدرجة حياد أكبر، نتيجة كون القائمين به لا تجمعهم أيّة صلة بالشركة أو القائمين عليها. يزيد هذا من الثقة في التقارير الناتجة، كما يضمن عدم تأثير ناتج عمليّة التدقيق على علاقات العمل بين الموظفين داخل الشركة.
عادة لا يتعدّى التدقيق الداخلي كونه أداة إداريّة يلجأ إليها القائمون على الشركة لاتخاذ قراراتٍ أفضل أو لتحسين الأنظمة الموضوعة، في حين يفيد التدقيق الخارجي على مستوى أوسع فيما يخصّ تعاملات الشركة مع أطرافٍ خارجيّة أخرى، سواء كانت جهات حكوميّة أو شركات أخرى أو خلافهما.
الفرق بين التدقيق المالي والتدقيق المحاسبي
عمليات التدقيق المالي تبدأ مع انتهاء المحاسبة والحصول على مخرجات نهائية للتأكد من سلامة التقارير المالية الخاصة بالمؤسسة. بينما مهمة عمليات التدقيق المحاسبي مراجعة كفاءة العمليات المحاسبية وخلوها من أية اشكال من التلاعب أو الاحتيال. قد تعتبر التدقيق المالي يراجع الصحة المالية للشركة وإن كانت التقارير تعبر بدقة عن الحالة العامة، بينما التدقيق المحاسبي يراجع العمليات والإجراءات التي أدت إلى هذه النتائج.
من الذي يقوم بعملية التدقيق؟
يقوم بعملية التدقيق المحاسبي مهنيون متخصصون يُعرفون بـ المدققين الماليين، وقد يكونوا:-
- مدققين داخليين:- وهم موظفون داخل المنظمة يقومون بتدقيق العمليات المالية والإدارية لضمان الكفاءة والفعالية، والامتثال للسياسات والإجراءات الداخلية.
- مدققين خارجيين: وهم مهنيون مستقلون أو شركات تدقيق خاصة يتم إنتخابهم لتدقيق البيانات المالية للمنشأة والتحقق من دقتها ومطابقتها للمعايير المحاسبية، ومن ثم يقومون بإصدار تقارير للجهات المعنية .
كيف تبدو الحسابات المدققة؟
الحسابات المدققة تعكس البيانات المالية التي تم فحصها وتقييمها من قبل مدقق مالي مستقل، ويُظهر التدقيق الناجح للحسابات بعض الخصائص الأساسية مثل:-
- يُعطي تقرير التدقيق رأي مُفصل حول البيانات المالية، ويثبت ما إذا كانت هذه البيانات تعكس وبشكل عادل الوضع المالي للمنظمة وفقًا للمعايير المحاسبية المقبولة GAAP / IFRS.
- تبدو الحسابات المدققة دقيقة ومفصلة لأنها تعكس جميع المعاملات المالية وفقًا للمعايير المحاسبية.
- توفر الحسابات المدققة شفافية كبيرة فيما يتعلق بالوضع المالي للمنظمة، بما في ذلك الالتزامات والأصول والإيرادات والمصروفات.
- توفر الحسابات المدققة ثقة للمستثمرين، والدائنين، وأصحاب المصلحة الآخرين، وتقيس مدى دقة وموثوقية البيانات المالية للمنظمة.
- تشمل الحسابات المدققة تفاصيل كافية لتقديم صورة شاملة عن الأداء المالي، بما في ذلك الميزانية العمومية، قائمة الدخل، وقائمة التدفقات النقدية.
ما هو الفرق بين المحاسبة والتدقيق؟
المحاسبة هي عملية تسجيل، وتصنيف، وتلخيص المعاملات المالية لتوفير فهم واضح عن الوضع المالي للمنظمة، وتشمل إعداد البيانات المالية مثل الميزانية العمومية، قائمة الدخل، وقائمة التدفقات النقدية، أما التدقيق فهو عملية مراجعة وتقييم البيانات المالية والسجلات المحاسبية التي تم إعدادها من قبل المحاسبين، بهدف التحقق من صحة وموثوقية هذه البيانات وتقديم تقرير يعكس نتائج التدقيق.
بشكل عام تركز المحاسبة على إنشاء وإدارة السجلات المالية، وعلى الجانب الأخر يُركز التدقيق على التحقق من صحة هذه السجلات والحصول على أدلة تؤكد عدالتها.
لا تعليق